السبت، 4 أبريل 2015

تصرف تقومون به يومياً ( وخاصة النساء! ) يجلب الخراب لعائلتكم والمرض لأولادكم

 د. سيرغيه لازاريف

لا يتصور كثير من النساء مدى خطورة لوم الأب أو الزوج وكم يشوه ذلك نفوس أطفالهن. لقد مر في عيادتي نساء كثيرات يعتبرن أنفسهن مؤمنات حقاً، ولا سيما ممن يعتنقن الإسلام ويصلين خمس مرات في اليوم ويلتزمن بالتعاليم الدينية بدقة، ولكن أطفالهن بحالة سيئة: عند بعض أولادهن مرض جسدي خطير والبعض الآخر لديه طبع مرعب. السبب الوحيد هو مجرد أن المرأة كانت في شبابها تلوم أباها، وبعد الزواج الذي تعتبره غير موفق، كانت غير راضية بقدرها. والآن هي تشاهد بحزن وألم كيف يمرض أبناؤها ويرتكبون الجرائم ويموتون.

ليس سراً أن المرأة تنقل علاقتها بأبيها إلى زوجها. أنا لم أر نساء سعيدات في الزواج إذا كان لديهن في النفس حقد قوي على الأب أو كراهية له، حتى بعد مرور عشرة أو عشرين عاماً.
يأخذ الطفل من والديه نماذج التعامل مع العالم المحيط. فإذا استنسخ الطفل لا شعورياً علاقة والديه ببعضهما وحصل على
نموذج مشوه، فإن حياته تكون محكومة بالفشل وتعيسة. ما أكثر الرسائل التي تكتبها لي نساء عن أنهن كررن مصير أهلهن، وحتى أطفالهن لا يستطيعون الخروج من تلك الدائرة المسحورة فيتكرر المصير التعيس بشكل متشابه. وهذا كله نتيجة العلاقة الخاطئة مع الوالدين والنموذج الخاطئ للعلاقة الذي اتخذه الطفل من والديه.

في أعماق أنفسنا، في ما نشعر به الآن، نقوم بإيداع مواصفات أي أسرة ستكون لنا، أي أطفال سيأتون، هل سيكون لنا أطفال أم لا. إن برنامج مصيرنا القادم والأحداث التي ستحدث موضوعة في مشاعرنا. ولكن الأهم، أننا بإمكاننا تغيير هذه المشاعر، وهذا يعني تغيير مستقبلنا.

لكي نغيّر مشاعرنا، أي ذاتنا في العمق، نحتاج للطاقة. تظهر الطاقة عند من اعتاد أن يبذلها. لذلك فالشخص البخيل المصلحي، أي المستهلك، لا يملك عملياً فرصاً في أن يتغير. من يريد أن يأخذ من والديه كل النعم، لكنه لا يريد أن ينفذ رغباتهما ومطالبهما، ولا يريد بعد أن يكبر أن يعتني بوالديه، كثيراً ما يصبح مجرماً. تقود الخطيئة إلى الجريمة الأخلاقية، ويقود انعدام الأخلاق إلى الجريمة الجسدية. يجب أن تحرك كل نعمة نحصل عليها رغبتنا في الشكر ورد الجميل، ويكون رد الجميل في أكثر الأحيان بالجميل ذاته. فإذا لم يعلّم الوالدان الطفل أن يهتم بهما ويطيعهما ويضحي من أجلهما، فسيصبح مجرماً.

ما هي طاعة الوالدين؟ هي القدرة على التضحية بوقتك، برغباتك، بأنانيتك، بطاقتك، عندما يطلب الوالدان ذلك.
إن عقوق الوالدين وثيق الصلة بالنظرة النفعية تجاههما. إذا لم يرد الإنسان أن يهتم بوالديه، يغطي كل ذلك بسهولة بعدم احترامهما. في البداية يلوم الإنسان والديه، ثم يتوقف عن احترامهما، وبعد ذلك يفقد الرغبة في الاهتمام بهما أو العكس. تدفع النظرة النفعية أو المصلحية الإنسان إلى عدم الاحترام واللوم. لكي تسرق شخصاً ما، لا بد أن تعتقد بأنه رديء فتزدريه ولا تحترمه، لا بد أن تخرب الوحدة الداخلية معه. عندئذ بسرقة أو بسلب الآخر، تتوهم أنك لن تقتل نفسك.

ولكننا عندما نرفض حب البشر الآخرين ونمزق وحدتنا الداخلية معهم، نقوم بسرقة وسلب نفسنا نحن. لذلك لكي نسرق شخصاً آخر مادياً يجب أن نسرق أنفسنا أخلاقياً. إننا لا نتصور كم يؤثر نموذج العلاقة بالوالدين في لا شعورنا. يصعب علينا أن نتخيل شدة تأثير ذلك في الطبع والقدر والصحة.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق